« نورها ..عنوان » كلمات بقلم الأديب سيد خليل زيدان

الكاتب: 

سيد خليل زيدان

مهندس استشاري، كاتب، شاعر- مصر
الجمعة, نوفمبر 6, 2020 - 04

ليلتى كانت كليلة العيد عند طفل صغير ، وهو يحتضن ملابس العيد الجديدة ، ويلتحف بها ولا يتركها فرحاً ، وكأنه يرتشف منها الحب والحنان ، كما يرضع الأمان من أمه ، ويغمس رأسه فى صدرها ، حيث الأمان والسكينة وواحة الحب والدفء والطمأنينة .
إنها كليلة العيد لأننى أنتظر فجر اليوم الذى ستكون فيه قبلتى نحو رؤياها فى مسقط رأسها ، بعد رحلة ستكون غير قصيرة ، وفى طريق يؤدى إليها وقد يبدو غير معلوم ، لأنها أول مرة تكون وجهتى إلى هذا المسلك ، وهذه الواحة الجميلة والتاريخية .
حملت قلبى الملهوف على كفى ، وامتطيت مركبتى التى عطرتها ، وكأنها فى ثوب جديد ، لتكون جديرة بالذهاب إلى جنة محبوبتى ، وأحمل فيها هديتى إليها ، ولسان حالى يقول إن روحى وقلبى هديتى إليها ، وحياتى وهبتها للتى عشت عمرى أبحث عنها وسط غابات بشرية موحشة ، وخالية من الورود ، بل ومليئة بالأشواك والزواحف البشرية السامة ، فى عالم ملىء بالزيف والخداع .
كان اليوم صباحاً والشمس ساطعة ، وسيارتى مملوءة بالوقود ، وقلبى ملىء بوقود الحب والشوق إلى رؤياها فى منبت عمرها الطاهر ، وانطلقت بالسيارة وأدرت ظهرى للقاهرة ، المدينة الصماء التى لا حب فيها ، بل كلها صقيع وشتاء ، وكانت الشمس أيضاً فى ظهرى لأن وجهتى هى الغرب ، حيث واحة الحب والنور ، وجنة السماء على الأرض .
عنوان حبيبتى مسميات فى ذاكرتى ، كان قد سبق أن أخبرتنى بها والسبيل إليها من خلال أوصاف ، ومعلومات ساقتها لى من خلال وصف للطريق إليها ، ولكننى وجدت شيئا ً جديدا ً لم أصادفه منذ مولدى ، وهو أننى كنت كلما إقتربت المسافة نحوها ، أجد هالات من النور أمامى ، وتزداد رويداً رويداً كلما دنوت منها ، وكانت حبيبتى ترافقنى الطريق من خلال الهاتف إعتقاداً منها بتأكيد المسير ، حتى لا أضل الطريق ، ورغم هذا كنت أسمعها ليسعد قلبى بصوتها فقط ، ولكن وصف الطريق ، كأننى لا أسمعه منها ، لأن قلبى وعينى ونفسى يلهثون فى اتجاه النور والضياء ، الذى يبهج السماء من أمامى وفوق رأسى ، فكنت أسير بسيارتى فى اتجاه النور ، وأردد فى نفسى ، أنه نورها ، فأسلك الطريق المؤدى إلى النور .
وفى طريق كان الهواء مشبع بعطر إلهى ، وجدت فيه عبقها ، واكتشفت أنها كانت تسير من هذا الطريق سنوات وسنوات ، فانتشر العبير فى مسلكها ، فأنعش روحى فى المسير إليها ، وكانت صورتها أيضاً مرسومة على أوراق الشجر على جانبى الطريق ، وعلى صفحة بحيرة ساكنة هادئة ، بلا أمواج أو صخب ، لأن البحيرة كانت تحس بملمس صورتها ، فتهدأ وتسكن ، لتستمتع بالعيش فى أحضانها .
وفجأة إزداد النور ، والهدوء فى نفسى وعينى ، والسكينة ملؤ المكان إلا من أصوات الطيور ، أو من صوت عصفور صغير يغرد لوليفته على أشجار المانجو والزيتون ، وكأنهم  يعلمون أنهم يعيشون فى واحة الحب ، واحة حبيبتى ، ويتنعمون بالعيش حولها ، ويتنسمون من عبيرها ، فأدركت أننى قريب جداً من مركز النور ومصدر الإشعاع الروحى لحبيبتى .
وها أنا وصلت إلى مسقط رأسها ، وصلت إلى مسكنها ، وهى تنتظرنى من خلال الهاتف ، وتطمئن على مسارى و إذا بها تفاجأ بى أمامها ، دون أن أذل أو أخطىء الطريق ، وهى لا تعلم أن نورها وعبيرها كانا نبراسى وعنوانى فى الذى أصبو إليه بنفسى وروحى .

من ديوان / يمامة برية