العنف الأسري ..والمرأة التونسية

السبت, سبتمبر 5, 2020 - 21
أخبار المرأة

إسراء علي البهنساوي

كاتبة صحفية

العنف الأسري أصبح ظاهرة فرضت نفسها وبقوة على المجتمعات بصفة عامة والمجتمعات العربية بصفة خاصة ، وزادت حدة العنف الأسري خلال فترة الحجر الصحي الذي فرضته الدول كإجراء من الإجراءات الاحترازية لتداعيات جائحة كورونا فتروي  روان بن رقية قاضية الأسرة في المحكمة الابتدائية في ولاية نابل ، ثم قاضية في مركز الدراسات القانونية والقضائية في العاصمة تونس ، في مجموعتها القصصية التي حملت عنوان "الأوغاد"، بطلاتها نساء تونسيات تعرضن للعنف الأسري خلال فترة الحجر الصحي. وتقول إنّ مجموعتها القصصية التي تروي أوجاع نساء معنفات هي صرخة للمشرعين التونسيين والمجتمع من أجل تكريس المساواة التامة بين الجنسين، مع الحرص على تنشئة الأطفال وفق معايير حقوق الإنسان والمساواة.  

وتضيف الباحثة والقاضية بن رقية أن التشريعات التي تدافع عن حقوق المرأة لا تحمي النساء في بلادها، معتبرة أن زيادة قضايا العنف ضد النساء بسبع مرات خلال الحجر الصحي أكبر دليل على ذلك ، كما أن ال 16 رواية التي تعرضها في مجموعتها القصصية تنقل قصص نساء تعرضن للعنف داخل أسرهن أو في العمل أو الأماكن العامة، من بينها سبع قصص لنساء وقعن ضحايا العنف في بيوتهن خلال فترة الحجر الصحي، مؤكدة أن نسبة النساء المعنفات أكبر بكثير مما تتحدث عنه الأرقام الرسمية.

تقول بن رقيّة  على الرغم من أهمية التشريعات المناهضة للعنف ضد النساء، إلا أن القوانين والعقوبات غير كافية، وتكريس المساواة بين الجنسين والدفاع عن حقوق المرأة يحتاجان إلى تغيير جذري في العقليات، يبدأ من خلال تربية الأطفال وتنشئتهم في المدارس واحترام الآخر وضمان حقوقه. وتقول إن العنف ضد النساء في تونس متجذر في العقلية المجتمعية والتي تغرسها الأمهات في أبنائهن الذكور، وهو ما يتفاقم على مر السنوات، ليكسب الرجال شرعية لممارسة العنف ضد زوجاتهم أو أخواتهم.

كما تؤكد أن فترة الحجر الصحي كشفت بعضاً من حجم العنف الأسري الذي عادة ما يبقى تحت الأضواء، وغالباً ما تكون النساء ضحاياه. وتشير إلى أن النساء قبل الحجر الصحي كنّ يخفين جزءاً من العنف النفسي والجسدي الذي يتعرضن له، من خلال وضع مساحيق التجميل قبل التوجه إلى العمل صباحاً. تضيف: "يكفي أن تنظر جيداً إلى وجوههن لتكتشف حجم معاناة المعنفات".

وتشير بن رقيّة إلى أن الأسرة في تونس تعاني من مشاكل عدة نتيجة للعقلية الذكورية الطاغية في البلاد، داعية إلى ثورة في وجه هذه العقليات. وترى أن القوانين التي منحت النساء حقوقاً كبيرة في بلادها ما زالت تصطدم بواقع مجتمعي يفرض سطوته على المرأة، وهو ما بينته الإحصائيات المتعلقة بالعنف الأسري خلال فترة الحجر المنزلي وارتفاع قضايا العنف ضد النساء التي تشهدها المحاكم يومياً. وترى أنّ مجموعتها القصصية انتصار لقضية إنسانية وليس لقضية نسوية. والعنف الموجّه ضد المرأة موجود في كل المجتمعات ولا يقتصر على بلادها، على حد قولها، ما يستدعي تصحيح مسار كامل في المجتمعات التي تنتقص من قيمة المرأة وتمارس عليها كل أشكال العنف.

وتوضح بن رقيّة إن رسالتها في مجموعتها القصصية "الأوغاد" توجه إلى الجيل الجديد من الأمهات اللواتي تعوّل عليهن لمحو رواسب الماضي وتنشئة أطفالهن على قيم المساواة التامة بين الجنسين.
وتسبب الحجر المنزلي في تفاقم الضغوط الاقتصادية، ما أدى إلى ارتفاع حالات العنف الأسري التي رصدتها وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن ودوائر القضاء. وأفادت الوزارة بأن كورونا كشفت المستور وطبيعة العلاقات الهشة ، وكالة أخبار المرأة.


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0