مهندس يمني يدخل بديكورات منزله عمق التاريخ

الثلاثاء, فبراير 9, 2021 - 00
أخبار الرجل

إسراء علي البهنساوي

كاتبة صحفية

 

يعبر برحلته الزمنية عبر أروقة الحضارة اليمنية ليقتطف من خزائنها العتيقة إلى المتاجر و المنازل العصرية الحديثة ،  وكأن أعماله الهندسية في في مجال الديكور ترسم لوحة تتسم بمزيج من الروعة والجمال .

إنه مهندس الديكور اليمني محمد القدسي ، الذي بدأ يحظى بشهرة واسعة في بلاده، بعد أن جذبت تصاميمه وأفكاره الجمالية في ديكورات البيوت والمحلات التجارية والمقاهي، أنظار عشّاق الموروث التاريخي والشعبي في اليمن. 

فينقلنا بين عوالم الدول اليمنية الكبرى، مثل سبأ وقتبان ومعين، وكأنه يعيش حياة الحميريين ويمارس طقوسهم ويستخدم معداتهم وأدواتهم، ويجاور عروش ملوكهم وأقيالهم.

رحلته :

تخرّج محمد في معهد المعلمين، تخصص فن، عام 1990، وعمل بعدها مدرسًا لمادة "الفنية"، لمدة عقدٍ ونصف تقريبًا، بالتزامن مع شغفه في العمل الفني الخاص؛ بهدف تحسين دخله، قبل أن يؤسس مشروعه الشخصي.

 

و افتتح مكتبًا للدعاية والإعلان، يختص برسم الشعارات واللوحات الإعلانية، ليتطور مجال عمله لاحقًا إلى رسم الجداريات وتصميم اللوحات الفنية، وبهذا انتقل للعمل في مجال الديكور.

ومن خلال عمله في الديكور، وتميز أعماله، وجد القدسي فرصة للعمل خارج البلاد، من خلال عقد عمل في مدينة دبي الإماراتية، داخل الجناح اليمني في القرية العالمية، لمدة 5 سنوات.

 

يؤكد محمد أنه اكتسب من خلال عمله في القرية العالمية خبرات إضافية، من خلال إطلاعه على تجارب دول العالم، فاستطاع توظيف ما اكتسبه من مهارات في تطوير أعماله لإبراز الموروث الحضاري والثقافي اليمني.

ومن خلال التقنيات التي اكتسبها، عاد القدسي إلى اليمن؛ ليسعى حينها إلى تذكير اليمنيين بتاريخهم وحضارتهم، ودفعهم للتمسك بماضيهم التليد، عبر ديكورات خلابة للمنازل والمطاعم والمتاجر والمقاهي، بحيث يستشعر زائروها والمترددون عليها عبق التاريخ، ويعيشون في أجواء مغايرة لما اعتادوا عليه من تصاميم تقليدية.

يؤكد القدسي أن مشروعه حظيّ بقبول لافت، فالطلبات تأتيه من مناطق مختلفة في اليمن، وأنجز أعمالاً في العديد من المحافظات، وتوسع عمله وأصبح لديه فريق عمل يتألف من 15 عاملاً، ما بين خطاطين ونحاتين ومصممين . 

ويشير إلى إنه يجب المحافظة على الهوية اليمنية ، وصونها من أجل الأجيال القادمة، حتى تتناقلها جيلاً بعد جيل .

ويلفت القدسي إلى أن التاريخ والحضارة هي مصدر للشعور بالانتماء والأمان، فالتراث هو الدليل الذي يُمكّن الإنسان من خلاله إلى تفسير الحاضر وحل مشكلاته، والتنبؤ بالمستقبل، وهو الأمر الذي يعد أساسيا لقيام الحضارات . 

و أعماله الفريدة تذكّر بملوك اليمن والأقيال، وتستعيد ذكريات أكثر من أربعة آلاف عام من الحضارة، عبر ديكورات للشخصيات التاريخية والمعابد والقصور اليمنية القديمة ، كما تعد أعماله توثيقا للحضارة .

 

كما يتعمد التنويع في خصوصيات المناطق اليمنية، فثمة تراث تهامي، وآخر حضرمي، وهناك التراث الصنعاني، كإضافات يتم تطعيمها للديكورات التاريخية حتى تضفي نكهة من الهوية الخاصة، لكل منطقة بحسب انتماء عملائه من أصحاب المنازل والمطاعم والمحلات.

وبهذا التنوع المقصود من قبل القدسي، وجد الكثير من الإقبال والمديح من قبل عملائه، الذين كان أبرزهم رجال أعمال وملاك المتاجر والمقاهي، أو الفلل والمنازل الخاصة، التي ينتمي أصحابها إلى مختلف المناطق اليمنية.

حتى إن كثيرا من المتابعين والزبائن اعتبروا القدسي عاملاً من عوامل تعزيز الوحدة الوطنية في اليمن، كما أنه يعمل على تذكير اليمنيين بتاريخهم وأمجادهم، والتواجد وسط معالمها والتعايش مع رموزها وشخوصها الخالدة.